إعلم أنك إذا لم تؤمن به فأنت لست من أهل السنة والجماعة وإنما أنت جهمي , ويقينا تعرف ما معنى أن تكون جهميا أيها الأخ المسلم الوهابي
فإذا زعمت أن استواءه مختص بالعرش، فمن أي شيء علم ذلك؟ وهل أتى
سبحانه بحرف الحصر؟ وحرف الاختصاص؟ وهل تعرف حروف الاختصاص؟ وحروف الحصر أم لا؟
وما هي؟ فإذا قلت، مثلا: زيد استوى على الدار، فهل علم منه: أنه لا يستوي على
غيره؟ والعاقل: يعلم ذلك بأدنى تأمل.
وجوابه، أن يقال: قد ثبت من غير طريق، عن مالك بن أنس رحمه الله، وعن
شيخه ربيعة بن عبد الرحمن، بل ويروى عن أم سلمة، أم المؤمنين، أنهم قالوا: الاستواء
معلوم، والكيف مجهول; وفي بعض طرقه: والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة; وزاد
مالك، فقال للسائل: وما أراك إلا رجل سوء، وأمر به فأخرج; وعلى هذا درج أهل العلم
وأهل السنة، من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا، ولم يخالف في ذلك
إلا الطائفة الضالة الملعونة الجهمية، وأشياخهم من غلاه الاتحادية، والحلولية.
وأما أهل السنة فعرفوا المراد وعقلوه، ومنعتهم الخشية، والهيبة،
والإجلال، والتعظيم، من الخوض، والمراء، والجدال، والكلام الذي لم يؤثر، ولم ينقل;
وقد عرفوا المراد من الاستواء، وصرح به أكابر المفسرين، وأهل اللغة; فثبت عنهم
تفسيره بالعلو، والارتفاع، وبعض أكابرهم صرح بأنه صعد; ولكنهم أحجموا عن مجادلة السفهاء
الجهمية، تعظيما لله، وتنْزيها لرب البرية; وإذا أخبر - جل ذكره - أنه استوى على
العرش، وعلا، وارتفع، وكل المخلوقات، وسائر الكائنات، تحت عرشه، وهو بذاته فوق
ذلك; وفي الحديث: " وأنت الظاهر فليس فوقك شيء "1. فإذا عرف هذا، عرف
معنى اختصاص العرش بالاستواء، وأن هذه الصفة، مختصة بالعرش.
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال للرجل، الذي قال له: إنا نستشفع بك على الله، وبالله عليك; قال: " الله أكبر، الله أكبر، إن شأن الله أعظم من ذلك، ويحك! أتدري ما الله؟! إنه على عرشه - وأشار بيده كالقبة - وإنه ليئط به أطيط الرحل الجديد براكبه "2، وهذا الحديث لا يستطيع سماعه الجهمي، ولا يؤمن به إلا أهل السنة والجماعة الذين عرفوا الله بصفات كماله، وعرفوا عظمته، وأنه لا يليق به غير ما وصف به نفسه، من استوائه على عرشه، ونزهوه أن يستوي على ما لا يليق بكماله وقدسه، من سائر مخلوقاته.
ومن أصول أهل السنة والجماعة: أنه سبحانه لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، ولم يصف نفسه بأنه استوى على شيء غير العرش، وكذلك رسله، وأنبياؤه، وورثتهم، لم يصفوه إلا بما وصف به نفسه، فإنكار هذا الجهمي اختصاص الاستواء بالعرش، تكذيب لما جاءت به الرسل، ورد لما فطر الله عليه بني آدم، من التوجه إلى جهة العلو، وطلب معبودهم وإلههم، فوق سائر الكائنات {فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [سورة المؤمنون آية: 41] .
وتخصيص العرش بالاستواء نص في أنه لم يستو على غيره، والسائل أعجمي، لا خبرة له بموضوع الكلام، ودلالته؟ قال الحسن في مثل هؤلاء: دهتهم العجمة; ونفي الاستواء عن غير العرش معلوم من السياق، مع دلالة النص، والإجماع، والفطرة، وكذلك دلالة الأسماء الحسنى، كالعلي، والأعلى، والظاهر، ونحو ذلك، ولفظ: العلو، والارتفاع، والصعود، يشعر بذلك. ويستحيل أن يستوي على شيء مما دون العرش، لوجوب العلو المطلق، والفوقية المطلقة.
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي قال له: إنا نستشفع بك على الله، وبالله عليك، قال: "الله أكبر، الله أكبر! إن شأن الله أعظم من ذلك، ويحك! أتدري ما الله؟ الله على عرشه -وأشار بيده كالقبة- وأنه ليئط به أطيط الرحل الجديد براكبه؟ "2. وهذا الحديث لا يستطيع سماعه الجهمي، ولا يؤمن به إلا أهل السنة والجماعة، الذين عرفوا الله بصفات كماله، وعرفوا عظمته، وأنه لا يليق به غير ما وصف به نفسه، من استوائه على عرشه، ونزهوه أن يستوي على ما لا يليق بكماله وقدسه من سائر مخلوقاته. وصف الله بما وصف به نفسه ومن أصول أهل السنة والجماعة: أنه -سبحانه- لا يوصف إلا بما وصف به
طبقات الحنابلة - أبو الحسين محمد بن أبي يعلى الفراء البغدادي الحنبلي الجزء الثالث
قرأت في كتاب الخطيب: أخبرنا محمد بن عمر
بن بكير أخبرنا إسماعيل بن علي الفحام حدثنا أبو بكر الصيدلاني حدثنا أبو بكر
المروذي حدثنا الحسين بن شبيب الآجري وكان هذا من النساك المذكورين حدثنا أبو حمزة
الأسلي بطرسوس حدثنا وكيع حدثنا أبو إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( الكرسي الذي يجلس عليه الرب ما
يفضل منه إلا قدر أربعة أصابع وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد ) قال أبو بكر
المروذي: قال لي علي بن شبيب قال لي أبو بكر بن أبي مسلم العابد حين قدمنا إلى بغداد
أخرج ذاك الحديث الذي كتبناه عن أبي حمزة فكتبه أبو بكر بن مسلم بخطه وسمعناه
جميعا فقال أبو بكر بن أبي مسلم: إن الموضع الذي يفضل لمحمد - صلى الله عليه وسلم
- ليجلسه عليه.
قال أبو بكر الصيدلاني: من رد هذا فإنما
أراد الطعن على أبي بكر المروذي وعلى أبي بكر بن أبي مسلم العابد.
قرأت في كتاب الوالد السعيد أنه مات سنة
عشرين وثلاثمائة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق