لطالما شنع الوهابية بالعلامة القمي والشيعة من خلفه بأنهم يتهمون زوجة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم بفاحشة الزنى والعياذ بالله , والحال أنه لم يقل ذلك على الإطلاق , بدليل أن تفسير الفاحشة لديه هو الخروج بالسيف فيما يخص الآية الشريفة الخاصة بهن ( يأتِ منكن بفاحشة مبينة )
فإذا كان ذلك هو تفسيرها لديه وينزه ساحة نساء النبي صلى
الله عليه وآله وسلم من أي قبيح فيما يخص
فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم , فكيف يظن أحد أنه هنا يعني زنى والعياذ
بالله؟!!
وعلى فرض أنه قد أعتقد التزويج الذي في الرواية التي ينقلها وأنه قال بذلك
وخالف ما هو معلوم وثابت لدى جميع المسلمين في أنها لم تتزوج , فما هو الإشكال
فيما ذهب إليه من إعتقاد ؟ هل إعتقاده بالتزويج يجعل ممن لم تتزوج متزوجة ؟ طيب
على فرض أنه أعتقد ذلك فيكون قوله بأنها تزوجت بعقد فاسد ليس إلا وسنبين بعض
الأمور حول ذلك ( هذا كله على فرض إعتقاده أنها تزوجت وقطعا وجزما ويقينا أنها لم
تفعل )
أما أنه لا يمكن لها ولا لغيرها من زوجات النبي صلى الله عليه وآله
وسلم أن يتزوجن فلعدة أسباب وأهمها:
أولا - النص القرآني الذي حرم نساء النبي صلى الله عليه
وآله وسلم على المؤمنين ومن أن يتزوجن بعده صلى الله عليه وآله وسلم
( بخلاف ما لدى السنة الذي سمح لزوجة من زوجاته بالزواج بعد
وفاة النبي )
وهذا النص القرآني وحده كافيا لأن يكون كل المتواجدين في تلك الواقعة,
سواء الموالين لها أو خصومها أبناءً لها وحرمة التزويج
ثانيا - أن طلحة هو زوج أختها أم كلثوم أصلا وقتل يوم
الجمل وهي في عصمته ولا يجيز الشرع الجمع بين الأختين
ثالثا - أن عبد الله بن الزبير هو ابن أختها أسماء فيكون
المحرم لها حاضرا ولا تكون بحاجة لمحرم آخر ( هذا لو لم نأخذ بالنصين القرآنيين المحرمان
لزواجها )
رابعا – النصوص التي لدى الشيعة الدالة على حرمتها كونها
زوجة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم بغض النظر عن ما قامت به وفعلته بحق أخيه وابن
عمه ما جاء عن إمامهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام
فمنها ما جاء في نهج البلاغة وهو يخاطب أهل البصرة ويشير إليها
فيه الى أنها على حرمتها الأولى
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام فيما ينقله
الشيخ القمي نفسه في كتابه تفسير القمي وهو يأتي على تفسير قوله تعالى
( ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السئ ولا
يحيق المكر السئ إلا بأهله ) فيقول
قال أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه الذي كتبه إلى
شيعته يذكر فيه خروج عائشة إلى البصرة وعظم خطأ طلحة والزبير فقال :
" وأي
خطيئة أعظم مما أتيا ، أخرجا زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله من
بيتها وكشفا عنها حجابا ستره الله عليها وصانا حلايلهما في بيوتهما ، ما أنصفا لا لله ولا لرسوله
من أنفسهما ، ثلاث خصال مرجعها على الناس في كتاب الله البغي والمكر والنكث ، قال
الله : يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم وقال : ومن نكث فإنما ينكث على نفسه
وقال : ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله وقد بغيا علينا ونكثا بيعتي ومكرا بي .
إنتهى ما قاله القمي
فكل هذه الأمور مانعة للقول أنها قد تزوجت طلحة أو غيره , وبين
العلامة المجلسي في معرض بيانه وهو يستعرض رواية القمي فقال ما نصه ( وهذا إن كان رواية فهي شاذة مخالفة لبعض الأصول ، وإن كان
قد يبدو من طلحة ما يدل على أنه كان في ضميره الخبيث مثل ذلك لكن وقوع أمثال ذلك
بعيد عقلا ونقلا وعرفا وعادة وترك التعرض لأمثاله أولى . )
لذلك كله وغيره فلا يستقيم بهتانهم بحق الشيخ القمي وأنه رمى زوجة
نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بفاحشة الزنى في ما يتناقلوه في مواقعهم وكتبهم ويجلجلون
بما قاله في تفسير القمي من أنه رمي بفاحشة الزنى هو مجرد عدم إنصاف لاغير
وإلا فنقله لتلك الرواية وسرده لحاجتها الى محرم في قوله ( فلما أراد أن تخرج الى
البصرة قال لها فلان : لا يحل لك أن تخرجي من غير محرم فزوجت نفسها من فلان ) فهذا لوحده يكفي لنفي أي إتهام لها من
قِبله بفاحشة الزنى والعياذ بالله كما يزعم هؤلاء , فهذا الأمر لا يقول به الشيعة (
بمن فيهم القمي ) على الإطلاق بل وينفون جواز وقوعه من نساء الأنبياء من أجل
أزواجهن على أقل تقدير وأنه لا يليق بهم ( الأنبياء عليهم السلام ) ذلك
وأن التزويج المزعوم قد وقع حيث كانت ( مكة ) فكيف يتهمها بالفاحشة
وهو نفسه ينقل التزويج المزعوم
فجُل ما سيكون لو قامت فعلا بالزواج ( وهو لم يحصل على الإطلاق )
فيكون نكاحا فاسدا بعقد فاسد وليس زنى كما يزعم هؤلاء ومعصية لأمر الله تعالى
ودعونا نشير الى ما قاله إمام السنة الأعظم أبو حنيفة الذي ذكر زواج
الولد بوالدته التي ولدته أو بقية محارمه فقال ما نصه
( لا حد
عليه في ذلك كله، ولا حد على من تزوج أمه التي ولدته، وابنته، وأخته، وجدته،
وعمته، وخالته، وبنت أخيه، وبنت أخته - عالما بقرابتهن منه، عالما بتحريمهن عليه،
ووطئهن كلهن: فالولد لاحق به، والمهر واجب لهن عليه، وليس عليه إلا التعزير دون
الأربعين فقط - وهو قول سفيان الثوري، قالا: فإن وطئهن بغير عقد نكاح فهو زنى،
عليه ما على الزاني من الحد. ) فعقد النكاح لدى إمام
السنة الأعظم أبو حنيفة ينفي عنهم الزنى بل ويقول المولود لاحقٌ به والمهر واجب عليه
لهن
ويقول ابن تيمية ما نصه
( فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه فيه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين، وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين, ) فلم يقل ابن تيمية أنه زنى مع أنه نكاح باطل ,
هذا بإختصار بعض الرد على هؤلاء
والله تعالى أعلم
أولا نضع معنى الفاحشة لدى الشيخ القمي في نفس كتابه فيما يخص الآية الشريفة التي تخص نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم
{ يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا }
هذه هي الرواية التي يطبل بها الوهابية للطعن بالشيخ القمي والشيعة من خلاله والتي كما نرى ليس فيها ما يزعمون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق