الكامل في التاريخ – تاريخ ابن الأثير - ابن الأثير الجزري - الجزء الثامن
ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وأربعمائة - [ الوفيات ]
وفي جمادى الآخرة توفي الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ومولده سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ، وكان إماما في الحديث والفقه على مذهب الشافعي، وله فيه مصنفات أحدها : " السنن الكبير " ، عشرة مجلدات ، وغيره من التصانيف الحسنة وكان عفيفا ، زاهدا ، ومات بنيسابور .
وفي شهر رمضان منها توفي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء الحنبلي ، ومولده سنة ثمانين وثلاثمائة ، وعنه انتشر مذهب أحمد ، رضي الله عنه، وكان إليه قضاء الحريم ببغداذ بدار الخلافة ، وهو مصنف كتاب " الصفات " أتى فيه بكل عجيبة ، وترتيب أبوابه يدل على التجسيم المحض ، تعالى الله عن ذلك ، وكان ابن تميمي الحنبلي يقول : لقد خرئ أبو يعلى الفراء على الحنابلة خرية لا يغسلها الماء .
مجموع الفتاوى - ابن تيمية - الجزء الرابع
فصل :
ثم قال المعترض : قال أبو الفرج بن الجوزي في
الرد على الحنابلة : " إنهم أثبتوا لله سبحانه عينا وصورة ويمينا وشمالا
ووجها زائدا على الذات وجبهة وصدرا ويدين ورجلين وأصابع وخنصرا وفخذا وساقا وقدما
وجنبا وحقوا وخلفا وأماما وصعودا ونزولا وهرولة وعجبا ؛ لقد كملوا هيئة البدن
وقالوا : يحمل على ظاهره وليست بجوارح ومثل هؤلاء لا يحدثون فإنهم يكابرون العقول
وكأنهم يحدثون الأطفال ".
قلت : الكلام على هذا فيه أنواع :
الأول : بيان ما فيه من التعصب بالجهل والظلم
قبل الكلام في المسألة العلمية.
الثاني : بيان أنه رد بلا حجة ولا دليل أصلا.
الثالث : بيان ما فيه من ضعف النقل والعقل.
أما " أولا " : فإن هذا المصنف الذي نقل منه كلام أبي الفرج لم يصنفه في الرد على الحنابلة كما ذكر هذا وإنما رد به - فيما ادعاه - على بعضهم . وقصد أبا عبد الله بن حامد والقاضي أبا يعلى وشيخه أبا الحسن بن الزاغوني ومن تبعهم ؛ وإلا فجنس الحنابلة لم يتعرض أبو الفرج للرد عليهم ولا حكى عنهم ما أنكره ؛ بل هو يحتج في مخالفته لهؤلاء بكلام كثير من الحنبلية كما يذكره من كلام التميميين. مثل رزق الله التميمي وأبي الوفا بن عقيل. ورزق الله كان يميل إلى طريقة سلفه كجده أبي الحسن التميمي وعمه أبي الفضل التميمي والشريف أبي علي بن أبي موسى هو صاحب أبي الحسن التميمي وقد ذكر عنه أنه قال :
" لقد خري القاضي أبو يعلى على الحنابلة خرية لا يغسلها الماء "
وسنتكلم على هذا بما ييسره الله متحرين للكلام بعلم وعدل . ولا حول ولا قوة إلا بالله : فما زال في الحنبلية من يكون ميله إلى نوع من الإثبات الذي ينفيه طائفة أخرى منهم ومنهم من يمسك عن النفي والإثبات جميعا. ففيهم جنس التنازع الموجود في سائر الطوائف لكن نزاعهم في مسائل الدق ؛ وأما الأصول الكبار فهم متفقون عليها ولهذا كانوا أقل الطوائف تنازعا وافتراقا لكثرة اعتصامهم بالسنة والآثار لأن للإمام أحمد في باب أصول الدين من الأقوال المبينة لما تنازع فيه الناس ما ليس لغيره. وأقواله مؤيدة بالكتاب والسنة واتباع سبيل السلف الطيب. ولهذا كان جميع من ينتحل السنة من طوائف الأمة - فقهائها ومتكلمتها وصوفيتها - ينتحلونه.
الوافي
بالوفيات - خليل بيك الصفدي - ط دار الكتب العلمية - ت جلال الأسيوطي- طبعة دار
الكتب العلمية - الجزء الثاني
- وفيها : توفي أبو يعلى محمد بن الحسين بن
الحسن الفراء الحنبلي وعنه انتشر مذهب أحمد ، وله كتاب الصفات فيه كل عجيبة ويدل
على التجسيم المحض ، كان ابن التيمي الحنبلي يقول : لقد خرى ابو يعلى الفراء على
الحنابلة خرية لا يغسلها الماء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق